حياة الأفراد لا تخلو من المعاملات المالية وغيرها لذا يقومون بإبرام عقود فيما بينهم للقيام بعمل معين وهذا الأمر لا يخلو من التعقيدات في مرحلة التنفيذ، ورغم الحرص المتبادل بين الأفراد إلا انه قد تنشأ خلافات فيما بينهم، ولحل هذا الخلاف يلجأ الأطراف لتسويته عن طريق الوسائل البديلة لحل المنازعات التي تتمثل في الوساطة والتوفيق والصلح والتحكيم، اضافة الى الوسائل غير البديلة لحل المنازعات والتي تتمثل في القضاء
والقضاء: هو الفصل في المنازعات والقضايا التي ترفع إلى المحاكم وفقاً لأحكام القانون.
وتعتبر ممارسة سلطة القضاء أهم مظاهر سيادة الدولة الداخلية، ويعتبر القضاء الوطني صاحب الاختصاص الأصيل بالفصل في المنازعات إذ يمكن اللجوء إلى محاكم الدولة لنظر النزاع وإصدار حكم في موضوع النزاع، ومزايا القضاء أن أحكامه ملزمة ويتم إصدارها بحياد تام
فأهمية القضاء تبرز من كونه دعامة كبرى لتحقيق العدل وحمايته، وإرساء قواعد الأمن والاستقرار، وإشاعة الطمأنينة في المجتمع وحفظ كيانه، ومن خلاله تتجلى مظاهر الثقة في مؤسسات الدولة ومنها المؤسسة القضائية، ولا تتكرس تلك الثقة إلا بتوفر مقومات تضمن حق المحاكمة العادلة
وهناك وسائل بديلة للقضاء حتى لا يمكن اشغاله وزيادة مصاريفه القضائية أمام المحاكم من رسوم ابتدائية واستئناف والتماس إعادة النظر والنقض ثم التنفيذ وأحيانا لكل منها رسوم خاصة لإعادة الإعلان وإعادة القيد بعد الشطب ولتجديد الدعوى بعد الحكم بإبطال المرافعة أو بعدم الاختصاص ولإعادة التنفيذ..
ومن البدائل السائدة والمتعارف عليها ٠٠
الوساطة: وهي وسيلة اختيارية يلجأ إليها الأطراف ويختارون من خلالها إجراءات وأسلوب الوساطة من أجل فهم موضوع النزاع ووضع الحلول المناسبة له.
والتوفيق: هو لتقريب وجهات النظر بين الأطراف للوصول إلى اتفاق بين المتنازعين لتسوية ودية بواسطة طرف ثالث يحظى باحترام وقبول من كلا الطرفين المتنازعين.
ومن تلك الوسائل البديلة التحكيم وهو طريق استثنائي للتقاضي يلجأ إليه الخصوم لفض ما ينشأ بينهم من منازعات بموجب اتفاق قائم بقصد ال. عن طريق التقاضي العادي.
الصلح: هو عقد يحسم به الطرفان نزاع قائم بينهم وذلك بأن يتنازل كل منهما على وجه التفاعل عن جزء من ادعائه، ويقع الصلح بين الخصوم في دعوى مرفوعة بينهم أمام القضاء وتصدق عليه المحكمة.
الوساطة:
تمتاز بأنها الطريق الذي يحفظ العلاقات الودية بين الأطراف ويلجأ إليها الأطراف دون اللجوء إلى طريق التحكيم أو القضاء، وتعتبر الوساطة مرحلة متقدمة تتم بمشاركة طرف ثالث يعمل على تسهيل الحوار بين الطرفين المتنازعين ومساعدتها على التواصل.
والوساطة يمكن أن تكون بلا أي اتفاق سابق بين الطرفين وأن مشروع التسوية لا يلتزم الأطراف إلا إذا قبل الأطراف التسوية، وعلى الوسيط أن يعمل على التخفيض من حدة الخصومة بين الطرفين بأن ينقل إلى كل طرف من أطراف المنازعة وجهة نظر الطرف الآخر حتى يتوصل معها إلى أرضية مشتركة بينهما.
ويشترط في الشخص الوسيط أن يكون لديه الإلمام الكامل بموضوع الوساطة مسبقاً حتى يتمكن من مناقشة الطرفين في موضوع الوساطة بالإضافة إلى قوة الشخصية والقدرة على إجراء الحوار مع سرعة البديهة والقدرة على التصرف، وفي جملة القول يجب أن يتمتع بالذكاء بالإضافة إلى الإلمام بنواحي التجارة الدولية حتى يتمكن من الفصل في النزاع على نحو سليم، ويجب أن تتوافر للوسيط النية الصادقة في الوصول إلى حل النزاع، ويجب ألا تكون لدية مصالح أو أهواء شخصية في الموضوع محل النزاع حيث أن هذه المصالح تدفعه إلى عرقلة الحل الودي لتحقيق بعض المكاسب.
التوفيق:
ويتم الاتفاق على التوفيق بواسطة أطراف النزاع ويجب أن يتضمن وصفاً للنزاع واسم الموفق الذي يختاره طرفا النزاع ووسائل الاتصال المقررة له، وينبغي على المتنازعين تزويد الموفق بالبيانات والوثائق التي تساعده على إتمام مهمته، وتكون مهمة الموفق التقريب بين وجهات النظر في النزاع وله إبداء المقترحات الكفيلة بالوصول إلى حل يرضي الأطراف ولا يكون لأي منهم طلب اللجوء إلى التحكيم قبل انتهاء الموفق من مهمته في الموعد المحدد، ويقدم
الموفق خلال ستة أشهر على الأكثر من بدء مهمته تقريراً بنتائج هذه المهمة يتضمن تحديداً لأوجه الخلاف ولمقترحاته بشأن تسويتها وما يكون الأطراف قد قبلوه، وفي حالة عدم الاتفاق بين الأطراف يتعين تسوية المنازعات عن طريق التحكيم.
الصلح:
ويفترض وجود نزاع قائم جدي أو محتمل ولو كان أحد الطرفين هو المحق دون الآخر وكان حقه واضحاً ما دام غير مُتأكد من حقه فالمعيار هو معيار ذاتي محض، وليس من الضروري أن يحسم الصلح جميع المسائل المتنازع فيها بين الطرفين فقد يتناول الصلح بعض المسائل فيحسمها ويترك الباقي للمحكمة تتولى هي البت فيه.
ومن الوسائل البديلة التحكيم:
وله صورتان (شرط التحكيم ومشارطة التحكيم) الصورة الأولى شرط التحكيم وهي اتفاق يرد ضمن عقد معين يقرر بموجبه الأطراف اللجوء إلى التحكيم لتسوية المنازعات المستقبلية التي تثار في العقد الأصلي حول العقد وتنفيذه، وشرط التحكيم عادة ما يدرج في العقد الأصلي إلا أن هذا لا يمنع من الاتفاق عليه في وثيقة مستقلة بمثابة ملحقة للعقد الأصلي.
والصورة الثانية مشارطة التحكيم وهي الاتفاق الذي تتفق الأطراف على العهد بالمنازعات القائمة بينهم فعلاً وفقا له إلى التحكيم للفصل فيه، ومقتضيات وجود مشارطة التحكيم تتطلب وجود نزاع قائم وحال فيجب أن يكون النزاع قائم وحال أما إذا كان النزاع مستقبلاً أو محتملاً فهنا لا تكون مشارطة تحكيم وإنما يعمل بشرط التحكيم.
والهدف من التحكيم وأهميته عدم إشغال المحاكم والتخفيف من زحمة التقاضي وهو الحل السريع للنزاع و الميزة الأساسية للوسائل البديلة لحل المنازعات ،و سهولة الإجراءات المتبعة في التحكيم سواء تعلق بتحديد الجلسات أو تقديم البيانات، تجنبا للحقد والشحناء بين المتخاصمين وهذا يحافظ على استمرار العلاقة الودية حين انتهاء العقد والتحكيم يحقق ذلك لأنه يتم برضا الأطراف، ويعتبر التحكيم بصورة عامة هيئة تتوافر فيها خبرة فنية في موضوع النزاع وأيضاً يكون خاضعاَ لرقابة القضاء الذي يجب أن يعطي للحكم الصيغة التنفيذية ليصبح نافذاً.
فعند عدم تحقق الإرادة فلا بد من اللجوء إلى المحكمة المختصة في الدولة المطلوب منها التنفيذ فيها، ويقوم التحكيم على السرية وهذه ميزة يبحث عنها من يلجأ للتحكيم لاعتبارات خاصة بهم وأن ما يتم الاطلاع عليه من قرارات تحكيمية في أضيق نطاق لدواعي الخصوصية
واخيرًا:
تتميز الوسائل البديلة بالعديد من المزايا منها سيطرة الأطراف على الإجراءات ومرونتها لتحقيق التسوية وأسرار الأطراف المتنازعين تكون سراً بين الطرفين المتنازعين ومن يختارونه لتسوية المنازعات وتكون غايتهم الوصول إلى حل بين الطرفين، وتعتبر هذه الوسائل وسائل سلمية وسهلة لفض النزاع عند اختيار المختصين لهذه الوسائل، حينما لا يفضل الأطراف اللجوء إلى القضاء وذلك لأن الأحكام القضائية التي تصدر منه تكون في مصلحة طرف واحد في الغالب ممن يقلل من الرضا بالعادة بين الأطراف وقد هيئة الدولة كل السبل للاستفادة من الوسائل البديلة الى جانب القضاء واصدرت العديد من الانظمة التي تحقق ضمان مصالح كافة الأطراف وأصبحت الوسائل البديلة لحل المنازعات في المملكة تتفوق على مثيلاتها في معظم الدول لان جميع الانظمة الصادرة لا تخالف الشريعة الاسلامية كما جاء في نص نظام الحكم وهذه ميزة فريدة للأنظمة السعودية لاعتمادها على الشريعة الاسلامية نصا وروحا وهذا يحقق القناعة التامة في الوصول الى العدل في كافة قضايا المواطن والمقيم في كافة شؤون حياتهم .