مكتب المحامية نوال آل محفوظه للمحاماة والاستشارات القانونية والتوثيق

مبادئ وأخلاقيات المحامي

المحاماة مهنة عظيمة ورسالة سامية فهي مهنة الشرف والنبل والأمانة وتتطلب من أي شخص قرر ان يمتهن المحاماة ان يلتزم بالقانون والمبادئ التي اقرها المشرع للمهنة من اجل الحفاظ على سموها قال الله تعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ”

ومعنى أن تكون محامياً هو أن تكرس حياتك لمهنة المحاماة لتصبح هي جزءاً لا يتجزأ منك و أن تكون لديك رؤية شاملة لمعنى المحاماة قائمة على الايمان بالحرية و العدالة و المساواة فتلك هي رسالة المحامي والمعنى الحقيقي للمحاماة وبناء عليه فإن المحامي مطالب بالمحافظة على حقوق موكله و الدفاع عنها ببذل الوسع انطلاقا من كونها رسالة انسانية سامية ولكنها ليست بالمجان او تطوعية لنصرة الحق والعدل وإنما بمقابل مادي و مهما كان ذلك المقابل المادي فلن يساوي الجهد المبذول والمعاناة التي يواجها المحامي و لا يخلو عمل المحامي من الاعمال الخيرية المجانية لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة واسر الشهداء ومن تثبت حاجته للمساعدة وهذا الجانب يزيد من اعباء المحامي ومتاعبه و لا شك في ان هذه المهنة لا يقاس عائدها بمال و لذلك سمي ذلك المقابل الذي يتقاضاه المحامي بالأتعاب و قد بينت الشريعة الاسلامية التكييف الفقهي لعقد المحاماة فاعتبرته عقد معاوضة ويأتي على عدة مسميات كالوكالة و الجعالة و الإجارة وقد اتفق الفقهاء على أن عقد الوكالة بغير عوض جائز ولكنه غير لازم فيمكن للمحامي التخلي عنه في أي وقت و يجوز للمتعاقد فسخه في أي وقت بينما تعطى الأجرة إذا كانت المحاماة إجارة أو جعالة و يشترط فيها أن تكون معلومة و أن تكون مما يباح و ينتفع به لغير حاجة كما يجب أن تكون مملوكة للموكل و لديه القدرة على تسليم الأجر ومن المخالفات لأصول وقواعد المهنة ان يمارسها البعض بدون ادراك لأصولها او بدون رخصة تتيح للمحامي العمل بموجبها وقد ينظر لها البعض على أساس تجاري بحت وتلك فئة قليلة يسمون ( بالدعوجية او الوكلاء ) وهؤلاء يسيئون للمهنة وللمحامين وقد تنبهت الجهات المعنية للضرر الذي يلحقه هؤلاء بالمهنة فأصدرت وزارة العدل مشكورة تعليمات للحد من ضررهم ومما يجب على العاملين في مجال المحاماة التكاتف مع الجهات العدلية للحد من تواجدهم في إطار مهنة المحاماة لمًا يسببه وجودهم من مشاكل وإساءة للمهنة وروادها والمنتسبين إليها ومعنى ذلك أن لا يقع المحامي في ما يخالف قواعد المهنة او ما تضمنته نصوص اخلاقيات المهنة

سواء أثناء ممارسة المحامي للمهنة و حتى في حياته الخاصة فلا يقوم بعمل يتعارض مع النصوص النظامية فهو المتتبع لما صدر من أنظمة وتعليمات واخلاقيات للمحامي السعودي يجدها بالطبع تتميز عن مثيلاتها في المجتمعات الاخرى باعتبار أن القوانين في اي مجتمع هي نتاج ثقافة ذلك المجتمع ومبادئه التي يقدسها وتقوم حياته عليها ومما يميز المحامي السعودي والأنظمة التي صدرت بشأنه والأخلاقيات المنظمة لعمله ان تلك الأنظمة والأخلاقيات تتفق مع الشريعة وتنبع منها و يظهر ذلك جليا في النصوص النظامية وما يصدر من ولي الأمر حفظه الله من أوامر جميعها تحت سقف الشريعة وتتفق معها ويعتبر ما يخالفها باطلًا بطلانا صريحا وتلك من نعم الله على الوطن والمواطن في هذه البلاد المباركة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهدة الأمين مهندس الرؤية ٢٠٣٠، والتي اشتملت عل خطط تطوير المرافق العدلية واحتياجاتها لخدمة مرتادي تلك المرافق و للتسهيل والتيسير على المواطن والمقيم ومما تجدر ملاحظته ان الأنظمة والإجراءات والأخلاقيات قد تضمنت نصوصا صريحة لحماية المتعاملين مع المحامي من استغلال لنفوذه ضدهم او لتعمد ايذاء الآخرين او تعدي الإطار العام للأخلاقيات المنصوص عليها بما يؤدي الى المساس بشرف المهنة بصفة عامة و سمعة المحامي بصفة خاصة كما جاء في اخلاقيات المحامي صراحة التأكيد على ضرورة الالتزام بالنزاهة و الاستقامة و الاعتدال واحترام كافة الاطراف وبناء الثقة والأمانة والسرية والتحلي بالأخلاق الفاضلة والحيادية وتجنب مناصرة الظالم استجابة لتعاليم الدين والنصوص النظامية قال تعالى: ((إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا “)) ومن البديهي في اعمال المحاماة الشفافية بان المحامي لا يعطي العملاء وعودًا بالنتائج فتلك بيد القاضي ومما يساعد المحامي على انجاز ما وكل فيه هو قدرة العميل على احترام وقت المحامي وتمكينه من انجاز مهامه دون ازعاج او إرباك

ولأن مهنة المحاماة حديثة في مجتمعنا الا أنها قفزت قفزات جيدة نحو التطور والعالمية بفضل الجهود المميزة والمستمرة لوزارة العدل ويحسن بنا ان نشير الى ما قاله السنهوري في إحدى مذكراته عن هذه المهنة العظيمة حيث قال:

(المُحاماَة فَنّ قَبْلَ أَن تَكُون مِهْنَة.. لِيس المُحامُونَ مُحامِيْنَ كَلَهِم بِالضَرُورَة.. ولِيس عَمَل المُحامِي فَقَط مَعْرِفَة القانُون.. فَالكَثِير يُعَرِّف النُصُوص حَتَّى مِن غَيَّرَ المُحامِيْنَ.. لكن حَقِيقَة دَوْر المُحامِي تَكْمُن فِيَّ دَرّاسَة الوَقائِع كَدَرّاسَة القانُون وَالنَظَر إِلَى ما يَمْثُل هٰذِهِ الوَقائِع فِيَّ نَصَوْص القانُون.. واضاف ان المُحاماَة فَنّ الحُجَّة وَالجَدَل وَالبُرْهان وَالإِقْناع.. فَقَدَ كَآن رُوّاد الفَلْسَفَة مُحامِيْنَ بِما يُمَلِّكُونَ مِن حُجَج وَلُغَة عالِيَة وَنَظْرَة ثاقِبَة.. وَكَثِير مِن الشَعْراء كانُوا مُحامِيْنَ بِما يَمْتَلِكُونَ مِن أَدَوات اللُغَة وَالبَلاغَة وَالفَطِنَة.. فَلَيْسَ عَمَل المُحامِي الفَصْل فِيَّ النُزّاع إِنَّما هُو عَمَل القاضِي.. ولِيس مِن عَمَل المُحامِيْنَ قَلَّبَ الثَوابِت أُو تظليل الحَقائِق.. فَلا تُشْعِر بِالفَخْر كَثِيرا عَنْدَماً تَوَزَّعَ الرَشاوَى لِكَسْب القَضايا لِأَنَّكِ أَصْبَحتِ مُجْرِماً بِسَبَب مُجْرِم فَأَنَت إِذْن مِثْلهُ لِأَنَّكِ تُخْسِر ذاتكَ لِتَرْبَح قَضِيَّة.. فَالقَضِيَّة رابِحَة وسَتُكَوِّن أَنَت الخاسِر..

ولا تَسْرِق حُقُوق زُمَلاءكَ المُحامِيْنَ وَإِن تَنافَسَهُم بِصُور غَيَّرَ مَشْرُوعَة فَهٰذا أَقْرَب لِلدَناءَة وأُبْعِدَ ما يَكُون مِن الأَخْلاق الرَفِيعَة التي هِيَ أَساس مَهَنتُكِ

لا تُكْذَب ولا تُعْط الوُعُود فَأَنَت لَسْتِ صاحِب قَرار وَلُستَ مَسْؤُولاً عَن النَتائِج.. وقَبْلَ ذُلّكَ كُلّهُ كَنَّ إنســانا لِتُكَنّ مُحامِيًا.. لا تُكَسِّب دَعْوَى وَتَخْسَر نَفِسَكَ..

أختم هذا المقال راجية ان يجد القارئ بعض الإجابات على ما يتبادر إلى ذهنه من تساؤلات عن مهنة المفاجآت.